الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم
أن المهمة الملقاة على عاتق المعلم هي بكل تأكيد شاقة وجسيمة ، فهي تهدف إلى إعداد الأجيال المتلاحقة ، جيلاً بعد جيل ، اجتماعياً وأخلاقياً وعاطفياً ، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل التي تمكنهم من تنمية أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم ، وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع . إنها تهدف إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الجيل الصاعد وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ، ويتفاعلون معه ، من أجل تحقيق تلك الحاجات ، وبالتالي تطوير المجتمع ورقيه وسعادته .
أن المعلم يستطيع ، وبكل تأكيد ، أن يؤثر إلى حد بعيد بتلاميذه ، وإن هذا التأثير ونوعيته ، ومدى فائدته وفاعليته يتوقف بالطبع على نوعية المعلم ، وثقافته وقابليته وأخلاقه ، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها ، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فإن كل أعمال المعلم وسلوكه وأخلاقه وصفاته تنعكس تماماً على التلاميذ الذين يقوم بتربيتهم وتعليمهم .وعلى هذا الأساس ينبغي ، إن أردنا النهوض بمدارسنا ومجتمعنا ، أن نحدد الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم ، والشروط الواجبة في اختياره ، والتي يمكن أن نحددها بما يلي :
1 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ذا مظهر جذاب حيث أن المظهر ، وشخصية المعلم وهندامه تؤثر جميعها تأثيراً فعالاً في نفسية التلاميذ وتجعلهم يقتدون به ، ويتخذونه مثلاً أعلى في مظهرهم وهندامهم وشخصيتهم .
2 ـ ينبغي للمعلم أن يتصف بروح الفكاهة والمرح ، لكي يستطيع جذب انتباه التلاميذ نحوه ، وجعل الدرس محبوباً إليهم حيث يندفعون إليه بشوق وسرور .
إن نفسيته ، وروحه المرحة ذات تأثير بالغ على نفوس التلاميذ ، وعلى مدى نجاحه في أداء مهمته في آن واحد ، ولو أجرينا استفتاءاً لدى التلاميذ حول شعبية المعلمين ، والدروس التي يحبونها أكثر من غيرها لتأكد لدينا بشكل قاطع أن المعلمين الذين يتمتعون بهذه الصفة هم على قدر كبير من الشعبية وأن دروسهم هي على قدر كبير من الرغبة لدى التلاميذ .
3 ـ ينبغي للمعلم أن يكون حسن التصرف في تربية أبنائه التلاميذ ،وحل مشاكلهم بروية وحكمة ، فالمعلم يجابه خلال عمله كل يوم مشاكل لا حدّ لها ، أخلاقية ، وتربوية وتعليمية ، وإن تذليل هذه المشاكل وحلها يتوقف على أسلوب المعلم وحكمته وحسن تصرفه
ولابد أن أشير بهذا الخصوص إلى أن أساليب العنف ضد الأبناء التي تمارس في البيت ، ومنذ الطفولة المبكرة نتيجة الجهل في أساليب التربية تسبب الضرر البليغ لشخصية الأطفال وتخلق لديهم العديد من الصفات السيئة والخطيرة ، كالخوف والانكماش والخنوع ،وضعف الشخصية والتمرد على المجتمع.
4 ـ إن الوعي الاجتماعي لدى المعلم أمر مهم جداً ، ولا يمكن الاستغناء عنه لأي معلم ناجح ، ذلك أننا كما أسلفنا أن عملية التربية والتعليم هي عملية تفاعل اجتماعي تتطلب دراسة وفهم المجتمع دراسة وافية ، والتعرف على ما يعانيه مجتمعنا من مشاكل وعيوب ، وكيف يمكن معالجتها وتذليلها.
إن كل معلم يعزل نفسه عن المجتمع ، ولا يشارك في فعالياته ومنظماته الاجتماعية ، لا يمكن أن يكون معلماً ناجحاً
5. أن على المعلم أن يكون محباً لتلاميذه ، متفهماً لحاجاتهم وسلوكهم ، والعوامل التي تحدد هذا السلوك وتتحكم فيه ، واعني بها الدوافع الإنسانية [ الغرائز ] ، ذلك أن الغرائز هي التي تحدد سلوك الفرد ، خيراً كان أم شراً ، وهنا تبرز أهمية المعلم ودوره في صقل تلك الغرائز ، وتوجيهها الوجهة الصحيحة الخيرة ، حيث أن الغرائز لا يمكن أن تقهر ، بل يمكن السمو بها إذا ما عرفنا كيف نتعامل مع أبنائنا التلاميذ ، ولاشك أن المعلم يستطيع صقل هذه الغرائز إن هو أدرك حقيقتها ، ومدى تأثيرها في سلوك أبنائنا التلاميذ ، وعلى العكس من ذلك نجد هذه الغرائز إذا تركت وشأنها فكثيراً ما توجه صاحبها الوجهة الضارة الشريرة . إن غريزة التنازع على البقاء كانت تعني في المجتمعات المتخلفة البقاء للقوي والموت للضعيف ، غير أنه بفضل التطور الحاصل في المجتمع البشري على مدى العصور ، وبفضل ما توصل إليه العلم والعقل الإنساني يمكن أن تكون صراعاً ليس بين إنسان قوي وآخر ضعيف ، أو أمة قوية وأخرى ضعيفة ، بل بين المجتمع الإنساني ككل وبين الطبيعة ، من أجل تهيئة كل الوسائل والسبل للسمو بمستوى حياة الإنسان المادية والمعنوية ، فكل تطور في ميادين العلوم والصناعة والزراعة ، وكافة مجالات الحياة الأخرى يهيئ ، ويوفر كل حاجات الإنسان ومتطلباته .
6 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ميالاً للتجدد والتطور بشكل مستمر ، حيث أن الأساليب التربوية قد تطورت تطوراً كبيراً عما كانت عليه في الماضي ، فلا يوجد شيء في الوجود بحالة ثابتة جامدة ، بل إن كل شيء في حالة تغير وتطور مستمر ، ولابد للمعلم ، أن هو أراد النجاح في عمله ، أن يطور نفسه ، ويطور معلوماته ، ويجددها باستمرار ، عن طريق التتبع والمطالعة ، والوقوف على أحدث النظريات التربوية ، وتجارب الآخرين في مضمار العلم والثقافة ، والوقوف على آخر التطورات الحاصلة في عالمنا في شتى شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية .
إنه من المؤسف أن نجد الكثير من المعلمين ينتهي من الدراسة والتتبع حال استلامه شهادة التخرج ، فكأنما قد بلغ درجة الكمال ، وكأنما العلم والمعرفة قد انتهيا عند هذا الحد .
رابعاً ـ كيف ينبغي أن يقوم المعلم بواجباته :
لكي يستطيع المعلم أداء واجباته على الوجه الأكمل ، ولكي يحصل على نتائج مسرة في عمله ، ينبغي له أن يضع نصب عينيه ما يلي :
1 ـ ينبغي أن يدرك المعلم أن واجبه الأساسي هو التربية قبل التعليم ، وأن المناهج والكتب المقررة في المدارس ما هي إلا وسيلة يستخدمها التلاميذ لغاية أهم ، ألا وهي النمو العقلي ، والجسمي والعاطفي ، وعلى المعلم والحالة هذه أن يركز جلّ اهتمامه للناحية التربوية ، والعمل على معرفة مشاكل التلاميذ ، ومساعدتهم على حلها والتغلب عليها ، وهذا بالطبع لا يمكن أن يتم إلا إذا شعر المعلمون تجاه تلاميذهم شعوراً ودياً يمكنهم من فهمهم ، ومن غير الممكن تربية التلاميذ وتعليمهم إن لم يشعروا أن المعلم يحترمهم ويعطف عليهم ، ويسعى من أجلهم إن الجو الذي ينبغي أن يسود المدرسة هو كجو المستشفيات تماما، حيث الحنان والعطف من لدن الأطباء والممرضات على المريض ، وبذلك نستطيع أن نخلق شباباً لائقاً ، وقادراً على قيادة الأمة والنهوض بها ،فهم بكل تأكيد سيكونون رجال المستقبل .
2 ـ ينبغي للمعلم أن يكون على علم بأن التربية الحقيقية هي التي تقوم على أساس نابع من حاجات التلاميذ الاجتماعية ، وإن إدراك هذه الحقيقة تحتم على المعلم تتبع الأوضاع والأحوال الاجتماعية في البلد من جهة ، وتمكين التلاميذ من دراسة هذه الأوضاع والعمل على تطويرها وتحسينها .
3 ـ ينبغي للمعلم التعرف على تلاميذه في بداية السنة الدراسية ، والوقوف على مستواهم في مختلف المجالات لكي يتمكن على ضوء ذلك من تحديد الموقع الذي يجب أن يبدأ منه ،
ويمكن تحديد تلك المجالات بما يلي :
ا ـ التعرف على التلاميذ من الناحية التربوية عن طريق دراسة سلوكهم وتصرفاتهم ، وأوضاعهم في البيت والمدرسة ، والمشاكل التي يعانون منها لكي يستطيع على ضوء ذلك وضع خطة العمل المناسبة لحل مشاكلهم ، وتنشئتهم النشأة الصحيحة .
ب ـ التعرف على مستواهم الدراسي بغية التأكد من أن ما درسوه في السنة الدراسية الماضية قد تم فهمه واستيعابه ، وعلى ضوء ذلك يستطيع المعلم أن يحدد المكان التي يبدأ منها .
4 . ينبغي للمعلم أن يكون منتبهاً إلى ضرورة ربط الدرس الجديد بالدرس السابق كي يكون سلسلة متواصلة تسهل على التلاميذ تتبع الموضوع وتفهمه بصورة جيدة .
5ـ ينبغي للمعلم أعداد خطة فصلية للمنهج الدراسي المقرر ، وخطة يومية للدرس لكي يدخل الصف وهو على كامل الاستعداد لمتطلبات الدرس .
6 ـ ينبغي للمعلم أن يوفق بين قابلية التلاميذ على التعلم ، وسرعة التعلم ، فليس العبرة في كثرة ما يدرّسه المعلم من مواد للتلاميذ ، بل العبرة في الفهم والاستفادة ، فعلى المعلم أن يضع نصب عينيه دائماً الجانب النوعي لا الكمي .
7 ينبغي الاهتمام بالفروق الفردية بين تلاميذ الصف ، حيث أنهم ليسوا على استعداد واحد ، وقابلية واحدة ، وذكاء واحد ، بل أن كل تلميذ يختلف عن الآخر ، وعلى هذا الأساس فأن المعلم لا يستطيع النجاح في عمله إن لم يراعي هذه الفروق الفردية والتي يمكن تلخيصها بما يلي :
ا ـ الفروق الجسمية :
هناك تلاميذ أصحاء ، أقوياء البنية ، جيدو التغذية ، وهناك تلاميذ مرضى ، ضعاف البنية ، سيئو التغذية ، وعلى هذا الأساس ليس من الحكمة معاملة هذين الصنفين معاملة واحدة .
ب ـ الفروق العقلية :
هناك تلاميذ متخلفون عقلياً ، وتلاميذ ضعيفو الذكاء ، أو متوسطو الذكاء ، أو فوق المتوسط ، وهناك شديدو الذكاء ، وعلى هذا الأساس فإن قابلية التلاميذ على التعلم ليست واحدة ، ولابد والحالة هذه من دراسة أوضاع التلاميذ ، وإجراء اختبارات الذكاء للوقوف على مستوى ذكاء كل تلميذ والتي تحدثنا عنها في الفصل الأول
.
ج ـ الفروق الاجتماعية والاقتصادية :
إن المعلم يدرك بلا شك أن التلاميذ يعيشون في بيئات اجتماعية واقتصادية مختلفة بعضها عن البعض الآخر ، فهناك تلاميذ يعيشون في بيئة اجتماعية متقدمة ، ويحيون حياة رغيدة ، وتتوفر لهم كل متطلبات الحياة ومباهجها ومسرّاتها .
وهناك تلاميذ كثيرون يعيشون في بيئة متخلفة جداً ، ويحيون حياة بائسة يسودها الفقر والجهل ، فليس من الحكمة والحالة هذه النظر إلى كافة التلاميذ بمنظار واحد ، ولا بدّ من اخذ هذه الأمور بعين الاعتبار ، والعمل على تقديم كل المساعدات الممكنة للطلاب الذين يعانون من المشكلات الاحتماعية والاقتصادية ، وإعطائهم المزيد من الجهد والوقت لتذليل الصعوبات التي تجابههم وتمكنهم من تخطيها .
د ـ فوارق الميول والرغبات الخاصة :
إن هذه الفوارق ذات أثر حاسم في سلوك التلاميذ ونشاطهم المدرسي ، و لابدّ لأي معلم يبغي النجاح في عمله أن يدرس أحوال تلاميذه ويتعرف على ميولهم ورغباتهم ليستطيع على ضوء هذه الدراسة تحديد الاتجاه الذي يمكن للتلميذ السير فيه بنجاح .
1ـ ينبغي للمعلم لكي يحمل تلاميذه على الانتباه للدرس وفهمه أن يعمل على إفهامهم أهمية المادة التي يدرسونها ، وما تقدمه لهم من فوائد كثيرة ذات تأثير بالغ على مستقبلهم
2ـ الثناء على التلاميذ المتقدمين وذوي السلوك الجيد يشجعهم ويدفعهم للاهتمام بدروسهم ، كما أنه يكون حافزاً لبقية التلاميذ لكي يحذوا حذوهم .
3ـ ينبغي للمعلم أن يعير اهتمامه الكبير للنشاط الذاتي الذي يقوم به التلاميذ أنفسهم ، من تجارب وتطبيقات على ما يدرسونه من دروس ، ويعمل على تشجيعه وتطويره ودفعه إلى الأمام .
4 ـ ينبغي للمعلم أن ينزل إلى مستوى التلاميذ خلال عملية التدريس لكي يتيسر لهم فهم مادة الدرس بصورة جيدة ، فمما لاشك فيه أن مستوى التلاميذ لا يمكن أن يكون بمستوى المعلم .
ومما يؤسف له أن كثيراً من المعلمين لا يلتفتون إلى هذه المسألة ، وينظرون للتلاميذ
وكأنهم في مستواهم ، ويحملونهم أكثر من طاقتهم ، مما يسبب لهم النفور من الدرس ، وبالتالي الفشل .
5ـ إن الدروس النظرية التي يدرسها التلاميذ لا تلبث أن تتبخر من عقولهم إن لم تطبق على الحياة العملية ، لأن التطبيق العملي يرسخ المادة في أذهانهم ، وهنا تجدر إشارة إلى عقم المناهج المدرسية التي تتبع في كثير من البلدان ، والتي سوف يكون لها بحث خاص تحت عنوان المناهج والكتب .
6ـ على المعلم أن يستخدم السبورة خلال الدرس بشكل فعّال ، وبذلك يشرك حاسة البصر لدى التلاميذ إضافة إلى حاسة السمع ، وطبيعي كلما حاولنا إشراك اكثر ما يمكن من الحواس أثناء الدرس كلما حصلنا على نتائج جيدة ، ورسخنا مادة الدرس في عقول التلاميذ
7ـ ينبغي للمعلم أن يستخدم وسائل الإيضاح المتوفرة لديه ، ويعمل على توفير ما يحتاج إليه من هذه الوسائل بالتعاون مع التلاميذ ، لأن وسائل الإيضاح تساهم بشكل فعّال في فهم الدرس ، ولاشك أن تطوير مديرية الوسائل التعليمية التابعة لوزارة التربية أمر ضروري جداً لكي تستطيع تقديم أكبر كمية ممكنة من وسائل الإيضاح للمدارس .
8ـ على المعلم استخدام اللغة الفصحى في شرح المادة للتلاميذ ، على أن تكون الكلمات التي يستعملها واضحة وسلسة ، وطبيعي إن هذا الأمر يسهل على التلاميذ فهم المادة من جهة ، وينمي لديهم قوة التعبير والخطابة من جهة أخرى ، وقد لا أكون مغالياً إذا ما أكدت أن التحدث بغير اللغة الفصحى داخل الصف قد يرتفع إلى مستوى جريمة علمية ، ذلك أن ازدواجية اللغة عامل خطير يحدث اكبر الأثر في نتائجه من حيث القصور في الإفهام وصياغة الجمل والتعبير ، في شتى الدروس ، وإني أقولها مطمئناً أن التخلف العلمي والأدبي لدى التلاميذ وكذلك الخريجين تعود أسبابه إلى ازدواجية اللغة .
9ـ ينبغي للمعلم أن يخلق وباستمرار الانفعالات السارة في نفوس التلاميذ ، ويسعى بكل طاقته إلى تقليل الانفعالات غير السارة لكي يستمع التلاميذ إلى الدرس بشوقٍ ورغبةٍ . إن خلق الانفعالات السارة لدى التلاميذ يتوقف بالطبع على طريقة معاملة المعلم لهم ، وكيفية معالجة مشاكلهم وأخطائهم وتصرفاتهم ، وعلى المعلم الذي يبغي النجاح في عمله أن لا يلجأ إلى أسلوب الإهانة والحطِّ من نفسية التلميذ فيجعله يحقد عليه ويعزف عن درسه . أن العلاج الإيجابي يخدم المعلم والتلميذ معاً ، ويبعث الارتياح في نفسيهما
10ـ ينبغي للمعلم الاهتمام الجدي بالواجبات البيتية وتصحيحها ، ولفت انتباه التلاميذ إلى الأخطاء التي وقعوا فيها وتصحيحها ، وإن عدم الاهتمام بها كما يجب يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً فيبقى الخاطئ على خطأه والمهمل على إهماله .
أن على المعلم عندما يعطي الواجب البيتي للتلاميذ أن يضع نصب عينيه ما يأتي :
أ ـ يجب أن يكون الواجب البيتي متناسباً مع مستوى التلاميذ وقابليتهم.
ب ـ يجب أن يكون الواجب البيتي محدوداً لكي يستطيع التلاميذ إنجازه ، فعلى المعلم أن يدرك أن للتلاميذ واجبات أخرى لدروس أخرى .
ج ـ ينبغي توجيه عناية المعلم إلى النوع لا الكم عند إعطاء الواجبات البيتية .
إن من المؤسف حقاً أن نجد الكثير من المعلمين لا يهتمون بالواجبات البيتية ،وكثيراً منهم لا يقوم بتصحيحها ، وأن بعضهم يكتفي بالتأشير على الواجب دون قراءته وتصحيحه ، وطبيعي أن هذا العمل لا يمكن أن يعطينا إلا عكس ما نتوخاه ، فلو فرضنا أن معلم الرياضيات قد أعطى التلاميذ مسائل حسابية كواجب بيتي ولم يقم بتصحيحها فماذا ستكون النتيجة ؟ أنها بلا شك ستكون استمرار الخطأ لدى التلاميذ ، وبالتالي الرسوب والفشل وضياع الجهد والوقت . أن عدم إعطاء الواجبات البيتية لهو خير ألف مرة من إعطائه دون تصحيحه .
إن المعلم يحمل رسالة عظيمة ، ومدى عمق التأثير الذي يحدثه في نفوس التلاميذ ، هذا التأثير الذي يحدد بدوره مستقبل الجيل الناشئ، وبالتالي مستقبل الأمة ، يفرض علينا أن نحدد الشروط الواجب توفرها فيمن يروم الانخراط في هذا المسلك ، وحمل هذه الرسالة بأمانة وإخلاص ، كي نستطيع أن نخلق جهازاً تربويا قادراً حقاً على أداء الرسالة .
ذلك أن المهمة الأساسية للمعلم هي التربية قبل التعليم ، ولذلك فأن التربية عملية شاقة تتطلب من المعلم خبرة كافية تمكنه من دراسة شخصية التلاميذ ، وميولهم ، وحاجاتهم ، بغية إعدادهم إعداداً كاملاً ، نفسياً ، وخلقياً ، ووجدانياً ، وهذا الواجب الخطير لا يمكن القيام به إلا إذا كان المعلم قد أعد الإعداد التربوي اللازم على احسن الوجوه ويتمتع بالمهارات التالية (36)
1 ـ أن يمثل نموذجاً مناسباً للمهارات الاجتماعية ، والثقافية ، والانفعالية ، والأكاديمية .
2. أن يظهر عدالة ، وحساسية ، وتعاطفاً ، وثباتاً ، وغيرها من القيم الإنسانية الهامة .
3ـ يعبر عن مشاعر الفكاهة والمرح ، والسعادة ، والحماس في الأحوال المناسبة .
4ـ أن يبقى هادئاً وموضوعياً عند وقوع المشاكل والمواقف الضاغطة
5 أن تكون لديه القدرة على إنشاء علاقات طيبة مع المعلمين الآخرين والإدارة والمهنيين الآخرين .
6ـ يؤدي الأنشطة المهنية بطريقة أخلاقية
ـ إعداد اجتماعي :
لما كان التلميذ كائناً حياً يعيش في بيئة اجتماعية ، ويتعامل معها ، ويتفاعل بها ، فلا يمكن والحالة هذه إغفال علاقته بالمجتمع ، ومدى تأثره به ، ولذلك وجب على المعلم أن يكون ملماً إلماماً تاماً بأحوال وظروف المجتمع ،
ومشاكله ، ووسائل التغلب عليها وحلها ، وهذا لا يتم إلا إذا أعدَّ المعلم إعداداً اجتماعياً دقيقاً ،وهذا يتطلب أن يلم إلماماً دقيقاً بأساليب التربية الحديثة وعلم النفس ، وأن يكون مطلعاً على خبر وتجارب ودراسات رجالات التربية لكي يستطيع مجابهة المشاكل التربوية والسلوكية لطلابه بطريقة علمية صحيحة ، والقدرة على
تذليلها وعلاجها على الوجه الأكمل ، ولاشك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين ، فمهنة المعلم هي من اصعب المهن .
أن المهمة الملقاة على عاتق المعلم هي بكل تأكيد شاقة وجسيمة ، فهي تهدف إلى إعداد الأجيال المتلاحقة ، جيلاً بعد جيل ، اجتماعياً وأخلاقياً وعاطفياً ، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل التي تمكنهم من تنمية أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم ، وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع . إنها تهدف إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الجيل الصاعد وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ، ويتفاعلون معه ، من أجل تحقيق تلك الحاجات ، وبالتالي تطوير المجتمع ورقيه وسعادته .
أن المعلم يستطيع ، وبكل تأكيد ، أن يؤثر إلى حد بعيد بتلاميذه ، وإن هذا التأثير ونوعيته ، ومدى فائدته وفاعليته يتوقف بالطبع على نوعية المعلم ، وثقافته وقابليته وأخلاقه ، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها ، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فإن كل أعمال المعلم وسلوكه وأخلاقه وصفاته تنعكس تماماً على التلاميذ الذين يقوم بتربيتهم وتعليمهم .وعلى هذا الأساس ينبغي ، إن أردنا النهوض بمدارسنا ومجتمعنا ، أن نحدد الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم ، والشروط الواجبة في اختياره ، والتي يمكن أن نحددها بما يلي :
1 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ذا مظهر جذاب حيث أن المظهر ، وشخصية المعلم وهندامه تؤثر جميعها تأثيراً فعالاً في نفسية التلاميذ وتجعلهم يقتدون به ، ويتخذونه مثلاً أعلى في مظهرهم وهندامهم وشخصيتهم .
2 ـ ينبغي للمعلم أن يتصف بروح الفكاهة والمرح ، لكي يستطيع جذب انتباه التلاميذ نحوه ، وجعل الدرس محبوباً إليهم حيث يندفعون إليه بشوق وسرور .
إن نفسيته ، وروحه المرحة ذات تأثير بالغ على نفوس التلاميذ ، وعلى مدى نجاحه في أداء مهمته في آن واحد ، ولو أجرينا استفتاءاً لدى التلاميذ حول شعبية المعلمين ، والدروس التي يحبونها أكثر من غيرها لتأكد لدينا بشكل قاطع أن المعلمين الذين يتمتعون بهذه الصفة هم على قدر كبير من الشعبية وأن دروسهم هي على قدر كبير من الرغبة لدى التلاميذ .
3 ـ ينبغي للمعلم أن يكون حسن التصرف في تربية أبنائه التلاميذ ،وحل مشاكلهم بروية وحكمة ، فالمعلم يجابه خلال عمله كل يوم مشاكل لا حدّ لها ، أخلاقية ، وتربوية وتعليمية ، وإن تذليل هذه المشاكل وحلها يتوقف على أسلوب المعلم وحكمته وحسن تصرفه
ولابد أن أشير بهذا الخصوص إلى أن أساليب العنف ضد الأبناء التي تمارس في البيت ، ومنذ الطفولة المبكرة نتيجة الجهل في أساليب التربية تسبب الضرر البليغ لشخصية الأطفال وتخلق لديهم العديد من الصفات السيئة والخطيرة ، كالخوف والانكماش والخنوع ،وضعف الشخصية والتمرد على المجتمع.
4 ـ إن الوعي الاجتماعي لدى المعلم أمر مهم جداً ، ولا يمكن الاستغناء عنه لأي معلم ناجح ، ذلك أننا كما أسلفنا أن عملية التربية والتعليم هي عملية تفاعل اجتماعي تتطلب دراسة وفهم المجتمع دراسة وافية ، والتعرف على ما يعانيه مجتمعنا من مشاكل وعيوب ، وكيف يمكن معالجتها وتذليلها.
إن كل معلم يعزل نفسه عن المجتمع ، ولا يشارك في فعالياته ومنظماته الاجتماعية ، لا يمكن أن يكون معلماً ناجحاً
5. أن على المعلم أن يكون محباً لتلاميذه ، متفهماً لحاجاتهم وسلوكهم ، والعوامل التي تحدد هذا السلوك وتتحكم فيه ، واعني بها الدوافع الإنسانية [ الغرائز ] ، ذلك أن الغرائز هي التي تحدد سلوك الفرد ، خيراً كان أم شراً ، وهنا تبرز أهمية المعلم ودوره في صقل تلك الغرائز ، وتوجيهها الوجهة الصحيحة الخيرة ، حيث أن الغرائز لا يمكن أن تقهر ، بل يمكن السمو بها إذا ما عرفنا كيف نتعامل مع أبنائنا التلاميذ ، ولاشك أن المعلم يستطيع صقل هذه الغرائز إن هو أدرك حقيقتها ، ومدى تأثيرها في سلوك أبنائنا التلاميذ ، وعلى العكس من ذلك نجد هذه الغرائز إذا تركت وشأنها فكثيراً ما توجه صاحبها الوجهة الضارة الشريرة . إن غريزة التنازع على البقاء كانت تعني في المجتمعات المتخلفة البقاء للقوي والموت للضعيف ، غير أنه بفضل التطور الحاصل في المجتمع البشري على مدى العصور ، وبفضل ما توصل إليه العلم والعقل الإنساني يمكن أن تكون صراعاً ليس بين إنسان قوي وآخر ضعيف ، أو أمة قوية وأخرى ضعيفة ، بل بين المجتمع الإنساني ككل وبين الطبيعة ، من أجل تهيئة كل الوسائل والسبل للسمو بمستوى حياة الإنسان المادية والمعنوية ، فكل تطور في ميادين العلوم والصناعة والزراعة ، وكافة مجالات الحياة الأخرى يهيئ ، ويوفر كل حاجات الإنسان ومتطلباته .
6 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ميالاً للتجدد والتطور بشكل مستمر ، حيث أن الأساليب التربوية قد تطورت تطوراً كبيراً عما كانت عليه في الماضي ، فلا يوجد شيء في الوجود بحالة ثابتة جامدة ، بل إن كل شيء في حالة تغير وتطور مستمر ، ولابد للمعلم ، أن هو أراد النجاح في عمله ، أن يطور نفسه ، ويطور معلوماته ، ويجددها باستمرار ، عن طريق التتبع والمطالعة ، والوقوف على أحدث النظريات التربوية ، وتجارب الآخرين في مضمار العلم والثقافة ، والوقوف على آخر التطورات الحاصلة في عالمنا في شتى شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية .
إنه من المؤسف أن نجد الكثير من المعلمين ينتهي من الدراسة والتتبع حال استلامه شهادة التخرج ، فكأنما قد بلغ درجة الكمال ، وكأنما العلم والمعرفة قد انتهيا عند هذا الحد .
رابعاً ـ كيف ينبغي أن يقوم المعلم بواجباته :
لكي يستطيع المعلم أداء واجباته على الوجه الأكمل ، ولكي يحصل على نتائج مسرة في عمله ، ينبغي له أن يضع نصب عينيه ما يلي :
1 ـ ينبغي أن يدرك المعلم أن واجبه الأساسي هو التربية قبل التعليم ، وأن المناهج والكتب المقررة في المدارس ما هي إلا وسيلة يستخدمها التلاميذ لغاية أهم ، ألا وهي النمو العقلي ، والجسمي والعاطفي ، وعلى المعلم والحالة هذه أن يركز جلّ اهتمامه للناحية التربوية ، والعمل على معرفة مشاكل التلاميذ ، ومساعدتهم على حلها والتغلب عليها ، وهذا بالطبع لا يمكن أن يتم إلا إذا شعر المعلمون تجاه تلاميذهم شعوراً ودياً يمكنهم من فهمهم ، ومن غير الممكن تربية التلاميذ وتعليمهم إن لم يشعروا أن المعلم يحترمهم ويعطف عليهم ، ويسعى من أجلهم إن الجو الذي ينبغي أن يسود المدرسة هو كجو المستشفيات تماما، حيث الحنان والعطف من لدن الأطباء والممرضات على المريض ، وبذلك نستطيع أن نخلق شباباً لائقاً ، وقادراً على قيادة الأمة والنهوض بها ،فهم بكل تأكيد سيكونون رجال المستقبل .
2 ـ ينبغي للمعلم أن يكون على علم بأن التربية الحقيقية هي التي تقوم على أساس نابع من حاجات التلاميذ الاجتماعية ، وإن إدراك هذه الحقيقة تحتم على المعلم تتبع الأوضاع والأحوال الاجتماعية في البلد من جهة ، وتمكين التلاميذ من دراسة هذه الأوضاع والعمل على تطويرها وتحسينها .
3 ـ ينبغي للمعلم التعرف على تلاميذه في بداية السنة الدراسية ، والوقوف على مستواهم في مختلف المجالات لكي يتمكن على ضوء ذلك من تحديد الموقع الذي يجب أن يبدأ منه ،
ويمكن تحديد تلك المجالات بما يلي :
ا ـ التعرف على التلاميذ من الناحية التربوية عن طريق دراسة سلوكهم وتصرفاتهم ، وأوضاعهم في البيت والمدرسة ، والمشاكل التي يعانون منها لكي يستطيع على ضوء ذلك وضع خطة العمل المناسبة لحل مشاكلهم ، وتنشئتهم النشأة الصحيحة .
ب ـ التعرف على مستواهم الدراسي بغية التأكد من أن ما درسوه في السنة الدراسية الماضية قد تم فهمه واستيعابه ، وعلى ضوء ذلك يستطيع المعلم أن يحدد المكان التي يبدأ منها .
4 . ينبغي للمعلم أن يكون منتبهاً إلى ضرورة ربط الدرس الجديد بالدرس السابق كي يكون سلسلة متواصلة تسهل على التلاميذ تتبع الموضوع وتفهمه بصورة جيدة .
5ـ ينبغي للمعلم أعداد خطة فصلية للمنهج الدراسي المقرر ، وخطة يومية للدرس لكي يدخل الصف وهو على كامل الاستعداد لمتطلبات الدرس .
6 ـ ينبغي للمعلم أن يوفق بين قابلية التلاميذ على التعلم ، وسرعة التعلم ، فليس العبرة في كثرة ما يدرّسه المعلم من مواد للتلاميذ ، بل العبرة في الفهم والاستفادة ، فعلى المعلم أن يضع نصب عينيه دائماً الجانب النوعي لا الكمي .
7 ينبغي الاهتمام بالفروق الفردية بين تلاميذ الصف ، حيث أنهم ليسوا على استعداد واحد ، وقابلية واحدة ، وذكاء واحد ، بل أن كل تلميذ يختلف عن الآخر ، وعلى هذا الأساس فأن المعلم لا يستطيع النجاح في عمله إن لم يراعي هذه الفروق الفردية والتي يمكن تلخيصها بما يلي :
ا ـ الفروق الجسمية :
هناك تلاميذ أصحاء ، أقوياء البنية ، جيدو التغذية ، وهناك تلاميذ مرضى ، ضعاف البنية ، سيئو التغذية ، وعلى هذا الأساس ليس من الحكمة معاملة هذين الصنفين معاملة واحدة .
ب ـ الفروق العقلية :
هناك تلاميذ متخلفون عقلياً ، وتلاميذ ضعيفو الذكاء ، أو متوسطو الذكاء ، أو فوق المتوسط ، وهناك شديدو الذكاء ، وعلى هذا الأساس فإن قابلية التلاميذ على التعلم ليست واحدة ، ولابد والحالة هذه من دراسة أوضاع التلاميذ ، وإجراء اختبارات الذكاء للوقوف على مستوى ذكاء كل تلميذ والتي تحدثنا عنها في الفصل الأول
.
ج ـ الفروق الاجتماعية والاقتصادية :
إن المعلم يدرك بلا شك أن التلاميذ يعيشون في بيئات اجتماعية واقتصادية مختلفة بعضها عن البعض الآخر ، فهناك تلاميذ يعيشون في بيئة اجتماعية متقدمة ، ويحيون حياة رغيدة ، وتتوفر لهم كل متطلبات الحياة ومباهجها ومسرّاتها .
وهناك تلاميذ كثيرون يعيشون في بيئة متخلفة جداً ، ويحيون حياة بائسة يسودها الفقر والجهل ، فليس من الحكمة والحالة هذه النظر إلى كافة التلاميذ بمنظار واحد ، ولا بدّ من اخذ هذه الأمور بعين الاعتبار ، والعمل على تقديم كل المساعدات الممكنة للطلاب الذين يعانون من المشكلات الاحتماعية والاقتصادية ، وإعطائهم المزيد من الجهد والوقت لتذليل الصعوبات التي تجابههم وتمكنهم من تخطيها .
د ـ فوارق الميول والرغبات الخاصة :
إن هذه الفوارق ذات أثر حاسم في سلوك التلاميذ ونشاطهم المدرسي ، و لابدّ لأي معلم يبغي النجاح في عمله أن يدرس أحوال تلاميذه ويتعرف على ميولهم ورغباتهم ليستطيع على ضوء هذه الدراسة تحديد الاتجاه الذي يمكن للتلميذ السير فيه بنجاح .
1ـ ينبغي للمعلم لكي يحمل تلاميذه على الانتباه للدرس وفهمه أن يعمل على إفهامهم أهمية المادة التي يدرسونها ، وما تقدمه لهم من فوائد كثيرة ذات تأثير بالغ على مستقبلهم
2ـ الثناء على التلاميذ المتقدمين وذوي السلوك الجيد يشجعهم ويدفعهم للاهتمام بدروسهم ، كما أنه يكون حافزاً لبقية التلاميذ لكي يحذوا حذوهم .
3ـ ينبغي للمعلم أن يعير اهتمامه الكبير للنشاط الذاتي الذي يقوم به التلاميذ أنفسهم ، من تجارب وتطبيقات على ما يدرسونه من دروس ، ويعمل على تشجيعه وتطويره ودفعه إلى الأمام .
4 ـ ينبغي للمعلم أن ينزل إلى مستوى التلاميذ خلال عملية التدريس لكي يتيسر لهم فهم مادة الدرس بصورة جيدة ، فمما لاشك فيه أن مستوى التلاميذ لا يمكن أن يكون بمستوى المعلم .
ومما يؤسف له أن كثيراً من المعلمين لا يلتفتون إلى هذه المسألة ، وينظرون للتلاميذ
وكأنهم في مستواهم ، ويحملونهم أكثر من طاقتهم ، مما يسبب لهم النفور من الدرس ، وبالتالي الفشل .
5ـ إن الدروس النظرية التي يدرسها التلاميذ لا تلبث أن تتبخر من عقولهم إن لم تطبق على الحياة العملية ، لأن التطبيق العملي يرسخ المادة في أذهانهم ، وهنا تجدر إشارة إلى عقم المناهج المدرسية التي تتبع في كثير من البلدان ، والتي سوف يكون لها بحث خاص تحت عنوان المناهج والكتب .
6ـ على المعلم أن يستخدم السبورة خلال الدرس بشكل فعّال ، وبذلك يشرك حاسة البصر لدى التلاميذ إضافة إلى حاسة السمع ، وطبيعي كلما حاولنا إشراك اكثر ما يمكن من الحواس أثناء الدرس كلما حصلنا على نتائج جيدة ، ورسخنا مادة الدرس في عقول التلاميذ
7ـ ينبغي للمعلم أن يستخدم وسائل الإيضاح المتوفرة لديه ، ويعمل على توفير ما يحتاج إليه من هذه الوسائل بالتعاون مع التلاميذ ، لأن وسائل الإيضاح تساهم بشكل فعّال في فهم الدرس ، ولاشك أن تطوير مديرية الوسائل التعليمية التابعة لوزارة التربية أمر ضروري جداً لكي تستطيع تقديم أكبر كمية ممكنة من وسائل الإيضاح للمدارس .
8ـ على المعلم استخدام اللغة الفصحى في شرح المادة للتلاميذ ، على أن تكون الكلمات التي يستعملها واضحة وسلسة ، وطبيعي إن هذا الأمر يسهل على التلاميذ فهم المادة من جهة ، وينمي لديهم قوة التعبير والخطابة من جهة أخرى ، وقد لا أكون مغالياً إذا ما أكدت أن التحدث بغير اللغة الفصحى داخل الصف قد يرتفع إلى مستوى جريمة علمية ، ذلك أن ازدواجية اللغة عامل خطير يحدث اكبر الأثر في نتائجه من حيث القصور في الإفهام وصياغة الجمل والتعبير ، في شتى الدروس ، وإني أقولها مطمئناً أن التخلف العلمي والأدبي لدى التلاميذ وكذلك الخريجين تعود أسبابه إلى ازدواجية اللغة .
9ـ ينبغي للمعلم أن يخلق وباستمرار الانفعالات السارة في نفوس التلاميذ ، ويسعى بكل طاقته إلى تقليل الانفعالات غير السارة لكي يستمع التلاميذ إلى الدرس بشوقٍ ورغبةٍ . إن خلق الانفعالات السارة لدى التلاميذ يتوقف بالطبع على طريقة معاملة المعلم لهم ، وكيفية معالجة مشاكلهم وأخطائهم وتصرفاتهم ، وعلى المعلم الذي يبغي النجاح في عمله أن لا يلجأ إلى أسلوب الإهانة والحطِّ من نفسية التلميذ فيجعله يحقد عليه ويعزف عن درسه . أن العلاج الإيجابي يخدم المعلم والتلميذ معاً ، ويبعث الارتياح في نفسيهما
10ـ ينبغي للمعلم الاهتمام الجدي بالواجبات البيتية وتصحيحها ، ولفت انتباه التلاميذ إلى الأخطاء التي وقعوا فيها وتصحيحها ، وإن عدم الاهتمام بها كما يجب يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً فيبقى الخاطئ على خطأه والمهمل على إهماله .
أن على المعلم عندما يعطي الواجب البيتي للتلاميذ أن يضع نصب عينيه ما يأتي :
أ ـ يجب أن يكون الواجب البيتي متناسباً مع مستوى التلاميذ وقابليتهم.
ب ـ يجب أن يكون الواجب البيتي محدوداً لكي يستطيع التلاميذ إنجازه ، فعلى المعلم أن يدرك أن للتلاميذ واجبات أخرى لدروس أخرى .
ج ـ ينبغي توجيه عناية المعلم إلى النوع لا الكم عند إعطاء الواجبات البيتية .
إن من المؤسف حقاً أن نجد الكثير من المعلمين لا يهتمون بالواجبات البيتية ،وكثيراً منهم لا يقوم بتصحيحها ، وأن بعضهم يكتفي بالتأشير على الواجب دون قراءته وتصحيحه ، وطبيعي أن هذا العمل لا يمكن أن يعطينا إلا عكس ما نتوخاه ، فلو فرضنا أن معلم الرياضيات قد أعطى التلاميذ مسائل حسابية كواجب بيتي ولم يقم بتصحيحها فماذا ستكون النتيجة ؟ أنها بلا شك ستكون استمرار الخطأ لدى التلاميذ ، وبالتالي الرسوب والفشل وضياع الجهد والوقت . أن عدم إعطاء الواجبات البيتية لهو خير ألف مرة من إعطائه دون تصحيحه .
إن المعلم يحمل رسالة عظيمة ، ومدى عمق التأثير الذي يحدثه في نفوس التلاميذ ، هذا التأثير الذي يحدد بدوره مستقبل الجيل الناشئ، وبالتالي مستقبل الأمة ، يفرض علينا أن نحدد الشروط الواجب توفرها فيمن يروم الانخراط في هذا المسلك ، وحمل هذه الرسالة بأمانة وإخلاص ، كي نستطيع أن نخلق جهازاً تربويا قادراً حقاً على أداء الرسالة .
ذلك أن المهمة الأساسية للمعلم هي التربية قبل التعليم ، ولذلك فأن التربية عملية شاقة تتطلب من المعلم خبرة كافية تمكنه من دراسة شخصية التلاميذ ، وميولهم ، وحاجاتهم ، بغية إعدادهم إعداداً كاملاً ، نفسياً ، وخلقياً ، ووجدانياً ، وهذا الواجب الخطير لا يمكن القيام به إلا إذا كان المعلم قد أعد الإعداد التربوي اللازم على احسن الوجوه ويتمتع بالمهارات التالية (36)
1 ـ أن يمثل نموذجاً مناسباً للمهارات الاجتماعية ، والثقافية ، والانفعالية ، والأكاديمية .
2. أن يظهر عدالة ، وحساسية ، وتعاطفاً ، وثباتاً ، وغيرها من القيم الإنسانية الهامة .
3ـ يعبر عن مشاعر الفكاهة والمرح ، والسعادة ، والحماس في الأحوال المناسبة .
4ـ أن يبقى هادئاً وموضوعياً عند وقوع المشاكل والمواقف الضاغطة
5 أن تكون لديه القدرة على إنشاء علاقات طيبة مع المعلمين الآخرين والإدارة والمهنيين الآخرين .
6ـ يؤدي الأنشطة المهنية بطريقة أخلاقية
ـ إعداد اجتماعي :
لما كان التلميذ كائناً حياً يعيش في بيئة اجتماعية ، ويتعامل معها ، ويتفاعل بها ، فلا يمكن والحالة هذه إغفال علاقته بالمجتمع ، ومدى تأثره به ، ولذلك وجب على المعلم أن يكون ملماً إلماماً تاماً بأحوال وظروف المجتمع ،
ومشاكله ، ووسائل التغلب عليها وحلها ، وهذا لا يتم إلا إذا أعدَّ المعلم إعداداً اجتماعياً دقيقاً ،وهذا يتطلب أن يلم إلماماً دقيقاً بأساليب التربية الحديثة وعلم النفس ، وأن يكون مطلعاً على خبر وتجارب ودراسات رجالات التربية لكي يستطيع مجابهة المشاكل التربوية والسلوكية لطلابه بطريقة علمية صحيحة ، والقدرة على
تذليلها وعلاجها على الوجه الأكمل ، ولاشك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين ، فمهنة المعلم هي من اصعب المهن .
الإثنين أكتوبر 24, 2011 5:03 pm من طرف احمدابوجويفل
» الشعب يريد اسقاط الادارة
الإثنين أكتوبر 24, 2011 4:48 pm من طرف احمدابوجويفل
» مسابقة(1)
الثلاثاء يوليو 06, 2010 7:26 pm من طرف احمدابوجويفل
» زيارة مستشفى العودة
الثلاثاء يوليو 06, 2010 7:23 pm من طرف احمدابوجويفل
» عيد ميلاد سعيد
الثلاثاء يوليو 06, 2010 7:22 pm من طرف احمدابوجويفل
» المكسرات
الخميس مايو 06, 2010 11:15 pm من طرف أ. محمد مهنا
» اعجاز علمي
الثلاثاء مايو 04, 2010 11:04 am من طرف أ. محمد مهنا
» زيارة البرلمان لبعض المؤسسات
الإثنين أبريل 26, 2010 3:38 am من طرف أ. محمد مهنا
» علي بابا باللغة الإنجليزية
الجمعة أبريل 23, 2010 11:35 am من طرف ابراهيم مهنا